إذا قرأنا القرآن بتدبر وإمعان علمنا منه أن الرسول لم يتحدى الإنس بمعجزة غير القرآن ولم يأتهم بمعجزة سواه، وذلك أننا نرى عند قراءة القرآن أن الكفار كلما سألوه أن يأتيهم بآية أو معجزة أحالهم إلى الله، وقال لهم: إنما أنا بشر مثلكم غير أني يوحى إلي. فمن ذلك قوله في سورة العنكبوت(29):" وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ {29/50}".
وقد حكى لنا القرآن ذلك في آية أخرى مفصلاً في قوله في سورة الإسراء(91-93): "أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا {17/91} أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً {17/92} أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ" فلم يكن جوابه لهم إلا ما جاء بعد هذه الآية من قوله: "قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً {17/93}".
وتراه في بعض الأحيان إذا سألوه أن يأتيهم بآية اعتذر عن الإتيان بها: بأن ذلك لا يجدي نفعاً. الأولين جاءتهم أنبيائهم بآيات فكذبوا بها أيضاً ولم يؤمنوا، فمن ذلك قوله من سورة الإسراء (59): "وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ ... {17/59}" وقوله من سورة القصص (48): ".... لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ ....{28/48}" أي أن موسى قد آتاه الله آيات كقلب العصا حية، وكفلق البحر وغير ذلك، فهل أوتي محمد بمثل ما أوتي موسى من المعجزات، فأجابهم بقوله من سورة القصص (48): "... أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ ... {28/48}".
وأمثال هذه الآيات في القرآن كثيرة، فلا حاجة إلى ذكرها كلها. وخلاصة القول إن هذه الآيات صريحة في أن الرسول لم يأت بمعجزة من المعجزات سوى القرآن وهو مردود عليه وسنأتي على ذكره لاحقاً.
وكذلك نرى القرآن يصرح لنا في كثير من آياته بأن الرسول لا يعلم الغيب وإن ذلك إنما هو لله وحده. ففي سورة يونس (20): "وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ ... {10/20}" أي أن الصارف عن إنزال المقترحة أمر غيب لايعلمه إلا الله. وفي سورة النمل (65): "قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ... {27/65}" وفي سورة الأنعام (50): "قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ...{6/50}" وفي سورة الأعراف (188): "... وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ... {7/188}".
فمن هذه الآيات المتقدمة يتجلى لنا بوضوح أمران: الأول: أن رسول الله لم يأت بمعجزة سوى القرآن، والثاني: أنه لا يعلم الغيب. ولكننا مع هذا إذا نظرنا فيما ألفه وخلفه لنا علماء الإسلام في ما مضى الزمان من كتب التفسير والحديث والسيرة النبوية رأينا هذه الكتب مشحونة بما يخالف القرآن في كلا الأمرين، إذ نراهم يذكرون للرسول من المعجزات وخوارق العادات شيئاً كثيراً حتى ادعى بعضهم أنه أعطي من المعجزات ثلاثة آلاف، وتجاوز بعضهم هذا العدد وكذلك نراهم يذكرون له في كتبهم من الإخبار بالمغيبات أموراً لاتعد ولاتحصى.
لو رجعنا إلى هذه المعجزات لوجدناها جميعها مذكورة في كتب التفسير والحديث والسيرة. ولم يأتي القرآن على ذكر أياً منها، ألم يكن من الأولى أن يأتي القرآن على ذكرها، مثلها مثل معجزات موسى وعيسى وإبراهيم وغيرهم الكثير. وهنا لابد من ذكر معجزة أو كما يدعون معجزة إنشقاق القمر، فغير هذه المعجزة لم تنسب أي معجزة أخرى للرسول في القرآن.
وقد حكى لنا القرآن ذلك في آية أخرى مفصلاً في قوله في سورة الإسراء(91-93): "أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيرًا {17/91} أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً {17/92} أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ" فلم يكن جوابه لهم إلا ما جاء بعد هذه الآية من قوله: "قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً {17/93}".
وتراه في بعض الأحيان إذا سألوه أن يأتيهم بآية اعتذر عن الإتيان بها: بأن ذلك لا يجدي نفعاً. الأولين جاءتهم أنبيائهم بآيات فكذبوا بها أيضاً ولم يؤمنوا، فمن ذلك قوله من سورة الإسراء (59): "وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ ... {17/59}" وقوله من سورة القصص (48): ".... لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ ....{28/48}" أي أن موسى قد آتاه الله آيات كقلب العصا حية، وكفلق البحر وغير ذلك، فهل أوتي محمد بمثل ما أوتي موسى من المعجزات، فأجابهم بقوله من سورة القصص (48): "... أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ ... {28/48}".
وأمثال هذه الآيات في القرآن كثيرة، فلا حاجة إلى ذكرها كلها. وخلاصة القول إن هذه الآيات صريحة في أن الرسول لم يأت بمعجزة من المعجزات سوى القرآن وهو مردود عليه وسنأتي على ذكره لاحقاً.
وكذلك نرى القرآن يصرح لنا في كثير من آياته بأن الرسول لا يعلم الغيب وإن ذلك إنما هو لله وحده. ففي سورة يونس (20): "وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ ... {10/20}" أي أن الصارف عن إنزال المقترحة أمر غيب لايعلمه إلا الله. وفي سورة النمل (65): "قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ... {27/65}" وفي سورة الأنعام (50): "قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ...{6/50}" وفي سورة الأعراف (188): "... وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ... {7/188}".
فمن هذه الآيات المتقدمة يتجلى لنا بوضوح أمران: الأول: أن رسول الله لم يأت بمعجزة سوى القرآن، والثاني: أنه لا يعلم الغيب. ولكننا مع هذا إذا نظرنا فيما ألفه وخلفه لنا علماء الإسلام في ما مضى الزمان من كتب التفسير والحديث والسيرة النبوية رأينا هذه الكتب مشحونة بما يخالف القرآن في كلا الأمرين، إذ نراهم يذكرون للرسول من المعجزات وخوارق العادات شيئاً كثيراً حتى ادعى بعضهم أنه أعطي من المعجزات ثلاثة آلاف، وتجاوز بعضهم هذا العدد وكذلك نراهم يذكرون له في كتبهم من الإخبار بالمغيبات أموراً لاتعد ولاتحصى.
لو رجعنا إلى هذه المعجزات لوجدناها جميعها مذكورة في كتب التفسير والحديث والسيرة. ولم يأتي القرآن على ذكر أياً منها، ألم يكن من الأولى أن يأتي القرآن على ذكرها، مثلها مثل معجزات موسى وعيسى وإبراهيم وغيرهم الكثير. وهنا لابد من ذكر معجزة أو كما يدعون معجزة إنشقاق القمر، فغير هذه المعجزة لم تنسب أي معجزة أخرى للرسول في القرآن.
إنشقاق القمر
أثناء البحث في ثنايا المعجزات الوهمية المنسوبة للرسول وجدنا معجزة قرآنية واحدة فقط قوله في سورة القمر (1): "اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ {54/1}" ومن الوهلة الأولى عندما نعرض هذا الكلام على أي إنسان يتكلم العربية فإنه سيجيب (أين الإعجاز؟) فالآية القرآنية صريحة تربط بين إنشقاق القمر وإقتراب الساعة، وإتيان الساعة يعني يوم الدين لأن إنشقاق القمر أحد أشرطة الساعة، أي أن الإنشقاق لم يتحقق بعد، والمقصود أنه سينشق القمر عند قيام الساعة (هذا إن قامت الساعة). هذه هي الحقائق عن الآية وقد إستخدمها رجال الدين لخلق إعجاز لم يحدث.
من منا لا يعرف الشاعر أمرئ القيس ومن منا لا يعرف المعلقات، التي كانت تكتب بماء من الذهب وتعلق على أستار الكعبة في زمن الجاهلية. أمرئ القيس توفى قبل ميلاد الرسول بثلاثين سنة وكتب أمرئ القيس في أحد معلقاته:
دنت الساعة وإنشق القمرعن غزال صاد قلبي ونفر
أحور قد حرت في أوصافه ناعس الطرف بعينيه حور
مر يوم العيد في زينته فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك فتركني كهشيم المحتظر
من منا لا يعرف الشاعر أمرئ القيس ومن منا لا يعرف المعلقات، التي كانت تكتب بماء من الذهب وتعلق على أستار الكعبة في زمن الجاهلية. أمرئ القيس توفى قبل ميلاد الرسول بثلاثين سنة وكتب أمرئ القيس في أحد معلقاته:
دنت الساعة وإنشق القمرعن غزال صاد قلبي ونفر
أحور قد حرت في أوصافه ناعس الطرف بعينيه حور
مر يوم العيد في زينته فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك فتركني كهشيم المحتظر
وإذا غاب عني ساعةً كانت الساعة أدهى وأمر
جميع الأبيات التي توجد تحتها خط مذكورة في القرآن كآيات قرآنية وبالذات في سورة القمر وهناك الكثير غير هذا من شعر أمرئ القيس في القرآن. أعتقد لايوجد داع للشرح أكثر من ذلك لدحض أن القرآن ليس من عند الله إنما من تأليف الرسول نفسه. وسنأتي مستقبلاً على ذكر الإعجاز العلمي في القرآن ونثبت بالدليل القاطع بأنه لايوجد في القرآن أي إعجاز علمي.
جميع الأبيات التي توجد تحتها خط مذكورة في القرآن كآيات قرآنية وبالذات في سورة القمر وهناك الكثير غير هذا من شعر أمرئ القيس في القرآن. أعتقد لايوجد داع للشرح أكثر من ذلك لدحض أن القرآن ليس من عند الله إنما من تأليف الرسول نفسه. وسنأتي مستقبلاً على ذكر الإعجاز العلمي في القرآن ونثبت بالدليل القاطع بأنه لايوجد في القرآن أي إعجاز علمي.
المعجزة الوحيدة للرسول
المعجزة الوحيدة التي أتى بها محمد والتي عمى عنها الجميع هو ما لقيه محمد من المصائب وما اقتحم في سبيلها من المتاعب والمشاق، وعزمه وإصراره الشديدين وما أوجده بقرآنه وبسيفه من جمع الأشتات المترامية، وشد الأواصر المتفككة وتوحيد العناصر المتفرقة حتى أوجد بها من العدم أمة ناهضة في سبيل الحرية، فقامت قومة رجل واحد تدعو إلى الله حتى دوخت البلاد وخضع لها الحاضر والباد، وامتدت في أقطار الأرض شرقاً وغرباً (بحد السيف) في مدة يسيرة لاتتجاوز نيفاً وعشرين سنة، لهي المعجزة الكبرى التي تتضاءل دونها المعجزات. ولولا ذلك لما كانت للرسول هذا المقام الرفيع ما بين الناس ولإندثر عبر التاريخ، وهذه حقيقة يجب أن نقر بها حتى لو كنا ضد هذا الدين ولا نقر بأن محمد كان رسولاُ من عند الله ولا نقر بأن هناك إله أصلاً.